استيقظت فوجدت نفسها جالسة على كرسي فى غرفة بها منضدة عليها ثلاثة مصابيح
نظرت حولها فلم تر شيئا غير الظلام ..تملكها الخوف الشديد .. فهى لا تعلم أين هى .. و من أتى بها إلى هذا المكان
و إذا بصوت ينادى:
-مرحباً بكِ أيتها الفتاة
-من أنت ؟ و ما هذا المكان ؟ و من أتى بي إلى هنا؟
-أنا من أسكتيه منذ شهور و نسيت صوته..أنتِ هنا .. ليس لكِ الحق أن توجهي الأسئلة كعادتك .. أنتِ هنا لتجيبي فقط
-لماذا؟
ساد الصمت مرة أخرى .. و بعد بضعة دقائق عاد الصوت من جديد
-أيتها الفتاه هل نافقتِ يوماً؟
-لا
-هل كذبتِ؟
-للأسف نعم
-هل كان بإمكانك مساعدة أشخاص و لم تفعلي ؟
-لا
فى هذه اللحظة أنطفأ ضوء مصباح من الثلاثة
-لماذا ؟؟؟
-أنصحك أيتها الفتاه أن تكوني صادقه و إلا سوف تنطفئ المصابيح و لن تخرجي من هذه الغرفة المظلمة طوال حياتك..
هل كان بإمكانك مساعدة أشخاص و لم تفعلي؟
-نعم
-هل ما زلتِ تحبينه ؟
-نعم
فأخذ ضوء المصباح الثاني يقل تدريجياً
-لماذا ؟ أنا لم اكذب .. القلب ينزف و لكن ما زال يهواه
-إذاً سوف أسال القلب ثم أعود لكِ
و اختفى الصوت مره أخرى ... فوضعت رأسها على المنضدة .. كانت تعي كل شئ فى الغرفة رغم أن روحها فى مكان آخر ..
ثم وجدت شخصا يقترب منها شيئاً فشيئا
-جدتى !!! أحقاً أنتِ ؟؟؟ و لماذا كل هذا الحزن ؟؟؟
-حزني عليكِ أنت أيتها الغالية
-حتى أنتِ يا جدتى لم تسلمي من حزني
-ما بكِ يا عزيزتي ؟
-لا شئ .. فقط اشتقت إليك كثيراً
-لا يا عزيزتي أنتِ دائما تشتاقين إلي و لكن هذه المرة قتلني بكاؤكِ
علي ..ماذا بكِ ؟
-الدنيا تغيرت يا جدتى . لم تعد كما كنتِ فيها .. أصبحت غابة من النادر أن تصادفي فيها أحداً من البشر ..ولكني قابلت شخصاً مثلك تماماً ....
هل كنتِ مخطئة يا جدتى عندما قلتِ لي أنني لن أجد من يرجعني عن عنادي إلا أنت؟ !
لقد وجدته .. و لكن دائما الدنيا تقسو علي .. فقد تركني مثلك
-خطأ من ؟؟
-لا أعلم .. و لكن كما قلت لك من النادر أن تقابلي بشرا ..
فقد كان يوجد الكثير من الحاقدين الذين لا يتمنون الخير لأحد
-لم افهم
-تكلموا كثيراً و ..
-تكلموا ؟؟؟!!! هل أصبحت تسمعين كلام الغير ؟؟؟
-لا و ربى .. لكن كما قلت لكِ سابقاً : إنه كان لى عوناً .. لكن هذه المرة تركني وحدي معهم ...فأصبحت تائهة لا أعلم شيئا
-أصبحت أيضاً تلومين الغير ؟؟؟...من أنت ؟ أنا لا أعرفك ..
تسمعين لأشخاص و تلومين الغير !!!! ماذا حل بكِ ؟؟؟
-لا أعرف ...فأنا أصبحت لا أعلم من أنا ...و لكننى سأعود يوماً لنفسي
-لا .. لن تعودي . أنت سوف تذهبين معي إلى عالمي
أنا لن أتركك في هذه الدنيا مرة أخرى .. لا أعلم إن استمررت فيها ماذا سيحل بكِ أيضا ؟
-أأذهب معكِ ؟؟
-نعم ..ألم تشتاقي إلي ؟
-نعم أشتاق
-حسنا ..اذهبي معي . لتكوني معي دائما
-سأذهب معك .. نعم سأذهب .. فأنا أشتاق لكِ دائماً و كنت أتمنى أن أبقى معكِ دائما
و فجأة ....
و حين كانت تمد يدها ليد جدتها .. صوت ما بداخلها يصرخ
-لا .. لا تذهبي فأنا ما زلت أريدك معي
صوت هز كيانها و لكنها لا تعرف من صاحبه
فهو لا صوت بشر و لا لغته لغة البشر و لكنها علمت ماذا قال ..
فسحبت يدها مسرعة
-لا يا جدتى فأنا مازلت لم أكمل طريقي بعد .. وأنا وعدتك أنك ستكونين بى فخورة
-أعرف أنك وعدتينى بذلك ولكن أنا أريدك معي ..لا أريدك في هذه الدنيا القاسية
-أعذريني يا جدتى .. لا أقدر
-لماذا ؟؟
-لا شئ .. أريد أن أكمل طريقي الذي بدأته .. وسوف أعود لكِ يوما و نبقى معا دوما .. لكن إلى الآن لم يأت هذا اليوم
-ماذا تخفين علي ؟؟
-جدتى .. أنت من علمتني أن أكون في عون الآخر .. و ظهر صوت بداخلي اهتز له كياني .. طلب ألا أبعد .. فها هو يريد مساعدتي ..لا أعلم هل هو عدو أم حبيب ...لكن أنتِ من قلت لي يوماً : عندما يحتاج لكِ شخص لا تتخلي عنه حتى و لو بينك و بينه عداء .. اذهبي معه إلى بر الأمان ثم أكملي طريقك بعد ذلك وحدك
-ابتسمت الجدة : اذهبي فأنا الآن مطمئنة عليكِ ..و الحمد لله مهما أخطأتِ فأنتِ بشر و لست بملاك
و لكن دوما معدنك سينتصر ...عندما تشتاقين إلي تعرفين أين تجدينني
-سوف أزورك دوما يا جدتي
و عاد من جديد الصوت
-أيتها الفتاة ... لقد صدقت و لكن قلبك ينزف .. و أنا الآن حائر .. ماذا أفعل بكِ ؟ فأنت سبب هذا النزيف
-أعلم و لكن أعدك أنني سأعالجه
-كيف ؟
-سوف أطلب منه أن أحله من وعده ليعيش حراً مرة أخرى
-أجننتِ ؟ أتريدين أن تقتليه ؟ فها هو رغم النزيف ما زال يحب
-ماذا أفعل إذن ؟؟ فإن عقلي مشتت .. و دائما ما أفكر كيف سيعالج هذا القلب الجريح
-عقلك ؟؟!! ألم تكوني سببا فى فقدانه بتجاهلك له؟
-أعلم هذا .. ولكني سأعود لهم .. أعدك أنني سأعود
-كيف ؟ و بعد أن كنتِ أنتِ السبب فى جرح القلب و بعد عقلك عنكِ و..
-رحماك أيها الضمير .. رحماك .. فأنا الآن ضعيفة و لست بقوتي كما كنت من قبل
-أعلمت الآن من أنا ؟ أخيرا تذكرت صوتى الذي أسكتيه منذ شهور ؟؟ تريدين الرحمة مني ؟؟ !!..
اعذريني أيتها الفتاة فأنتِ التي بدأت بالقسوة .. بأنانيتك و تجاهلك لنا .. و الآن نقسو كما قسوت
-سوف أعود .. أقسم لك سوف أعود
-أريد ان أصدقك
-لابد أن تصدقني .. أنا بشر لست بملاك .. أخطأت واعترفت و تعلمت أنني بدونكم لا أستطيع الحياة فى هذه الدنيا
و فجأة دخل ضوء أنار الغرفة.. و استيقظت الفتاة .. ونظرت حولها .. فها هي فى غرفتها و هذا سريرها .. و لكن ما كان هذا ؟
لا تعلم .. و لكنها وجدت فى قلبها فرحة لم يحسها منذ شهور منذ أن قال لها لأول مرة أحبك ..
فأسكتت التساؤلات و قالت لنفسها من الممكن أن يكون إنذارا لها
فشكرت ربها لأنها تعلمت كثيرا من هذا الحلم رغم قسوته
و لكنها كانت قلقة جدا على قلبها رغم فرحته فإنه ما زال ينزف
و كان عقلها قلقا هو الآخر.. فبماذا سوف يجيب عندما يسأل عنه أو يشتاق إليه.....و لكنها ابتسمت
-أيها العقل لا تخف فإن ربي سوف يضعنا على الطريق الصحيح ..
لا تخف.. فالقلب من الممكن أن يشعر بذلك و يحزن
و أنا لا أحب ذلك فها هو منذ شهور لم يفرح بهذه الفرحة
و نهضت لكي تلقي تحية الصباح على أهل بيتها و لكن كان هناك سؤال واحد يحيرها
من صاحب الصوت الذى اهتز له كيانها ..وما لغته ؟؟؟
و لماذا أدركت هذه اللغة رغم أنها لأول مره تسمعها ؟